أثبتت التجربة، أنه لا شيء يمكن أن يقف أمام الرغبات غير السوية للفاسدين الطامعين في المال العامّ، والساعين للاستيلاء عليه أو مساعدة الآخرين في نهبه بالمخالفة للأنظمة والقوانين والشرع، كما أثبتت التجربة أن أيادي الفاسدين يمكن أن تصل لأي مكان مهما اعتقدنا أنه بعيد بحكم ارتباطه بالشرع، حتى ولو كان هذا المكان هو هيئة الزكاة والدخل المسؤولة عن تنفيذ واحد من أهم أركان الإسلام.
وكشفت مستندات ووثائق، قضية فساد كبرى، شهدها فرع هيئة الزكاة والدخل بمكة المكرمة، بعدما استغلّ أحد قيادي الفرع سلطاته في التدخل لصالح إحدى الشركات والعمل على تخفيض قيمة الزكاة المفروضة عليها، وتسبب في إضاعة ملايين الريالات على الدولة.
في عام 1436هـ، بدأت وقائع القضية، عندما شرعت لجنة محاسبية تضمّ كبار المحاسبين بالفرع من ذوي الخبرة والكفاءة، في ممارسة عملها المتعلق بتدقيق ميزانية إحدى الشركات الكبرى ومراجعة ملفها المالي خلال السنوات الأربع السابقة، لتحديد مبلغ الزكاة الواجب عليها دفعه.
وبعد عدة اجتماعات امتدّت على مدار 6 أشهر، نظرًا لضخامة الشركة المستهدفة وتشعب معاملاتها المالية، خلصت اللجنة المحاسبية إلى فرض زكاة على الشركة بلغت 3 ملايين و190 ألف ريال، حتى هذه اللحظة كانت تسير الأمور بشكل طبيعي ومعتاد، ولكن فجأة، ودون سابق إنذار، ظهر القيادي في المشهد، معبّرًا عن اعتراضه على الربط المالي الخاص بالشركة الذي أصدرته اللجنة، مطالبًا بإعادة النظر فيه وتخفيضه.
فقد حاول القيادي إثناء اللجنة عن موقفها، ودفعها لتخفيض مبلغ الزكاة الذي توصلت إليه، بدعوى أن اللجنة احتسبت ضمن ميزانية الشركة، مبلغ تعويض حصلت عليه الشركة، بعد إزالة أحد منشآتها في مشروع قطار الحرمين بحيّ الرصيفة، بلغ 30 مليون ريال، حيث رأى القيادي أن مبلغ التعويض لا يجب احتسابه ضمن الميزانية ولا إخراج الزكاة عنه، إلا أن اللجنة رفضت الالتفات إلى طلبات القيادي والضغوطات التي مارسها عليها، وتمسّكت بما توصلت إليه، وأصرّت على اعتماد الربط المالي النهائي بـ3 ملايين و190 ألف ريال، وأصدرت خطابًا رسميًّا بذلك، بعد توقيع جميع أعضاء اللجنة عليه.
وأمام هذا الإصرار، لم يجد القيادي بدًّا من استغلال سلطاته وصلاحياته للتنكيل بأعضاء اللجنة ومعاقبتهم على أمانتهم وحرصهم على أموال الدولة، حيث سارع إلى حلّ اللجنة ونقل أعضائها لعدة أقسام مختلفة، واحتفظ بالربط المالي النهائي لديه وحجز ملف الشركة المالي بمكتبه؛ رافضًا اعتماده.
وبعد مرور ستة أشهر كاملة، لم يهدأ خلالها القيادي ولم يغمض له جفن لتحقيق مأربه، قام المذكور بتشكيل لجنة جديدة للقيام بمراجعة الملف المالي للشركة وإعادة الربط النهائي وفق لوجهة نظره، وذلك بمخالفة للنظام الذي يمنع تدخله في العمل الفني للجان المحاسبية.
اللجنة الجديدة، التي كانت على هوى القيادي، نفّذت مهمتها المعروف نتيجتها المسبقة، خلال أسبوع واحد فقط، حيث خلصت إلى ما توصلت إليه اللجنة السابقة، مع اختلاف بسيط، وهو حذف مبلغ التعويض (30 مليون ريال) من القوائم المالية للشركة، ما قلص مبلغ الزكاة إلى 569 ألف ريال فقط لا غير، وهو ما يعني أن اللجنة أهدرت على خزينة الدولة ما يزيد على مليونين و620 ألف ريال.
واقعة الفساد المفضوحة، كان من السهل على ديوان المراقبة العامة اكتشافها، حيث أرسل خطابًا يستفسر عن اختلاف مبلغ الزكاة بين الربط المالي الأول والثاني؟ وهو ما رد عليه القيادي بكل بساطة وثقة بأنه مجرد “خطأ محاسبي”، واعدًا بتدارك ذلك مستقبلًا!
اللافت أن الشركة سارعت بإرسال مندوبها إلى فرع الهيئة بمكة المكرمة، لتسلم خطاب الربط المالي الأخير، الذي صدر على هوى القيادي، ما يطلق عديدًا من علامات الاستفهام حول العلاقة المباشرة بين القيادي المذكور والشركة، حيث تنصّ الإجراءات النظامية، على أنه في حال إصدار خطابات الربط المالية، ترسل إلى عناوين الشركات المسجلة لدى الهيئة، ثم يبدأ احتساب مدة 60 يومًا، يحقّ خلالها للشركة الاعتراض على ما ورد في الربط، وبعد مرور هذه المدة يصبح إلزامًا على الشركة دفع المبلغ المستحق والحصول على شهادة الزكاة والدخل النهائية.
كان من الطبيعي أن لا يمر الصنيع الذي قدمه أعضاء اللجنة الثانية إلى القيادي، دون الحصول على مكافأة مجزية نظير خدماتهم، حيث كشفت مصادر، أن القيادي كافأ أحد أعضاء اللجنة الثانية ورشحه ليتعين مديرًا لأحد فروع الهيئة بالمنطقة الجنوبية، وهو ما استجيب له بالفعل، حيث بدأ العضو ممارسة عمله الجديد الأسبوع الماضي.
وأكّد اقتصادي أن مبلغ التعويض الذي حصلت عليه الشركة من الدولة، نظير إزالة أحد منشآتها، يدخل ضمن القيمة الدفترية للشركة. مؤكدًا وجود احتسابه ضمن ميزانية الشركة واستخلاص مبلغ الزكاة منه إذا حال عليه الحول.
أخبار محلية > قيادي بزكاة مكة يهدر ملايين الريالات
فبراير
16
2017
قيادي بزكاة مكة يهدر ملايين الريالات
لا يوجد وسوم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alyoum8news.com/13736.html
أحدث الأخبار
- ولي العهد للرئيس الأميركي: ضرورة الوقف الفوري للعمليات العسكرية في غزة
- ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 6650 شهيداً
- شركة كوادر تحتفل بالمحاميات الحاصلات على رخصة المحاماة
- انطلاق فعاليات مبادرة مستقبل الاستثمار تحت عنوان «البوصلة الجديدة»
- توكيل المحامي د.عمر الجهني في قضية طاش ماطاش لتظهر على السطح من جديد
- إتصل بنا
- استعادة كلمة المرور
- التسجيل
- الدخول
- الرؤية
- الرئيسية
- رسالة الموقع
- صور: ولي العهد يتفقد سفينة جدة بعد وصولها من ألمانيا
- ماهي الإرادة الملكية في قضايا القتل
- هيئة التحرير بصحيفة اليوم8الثامن السعودية
- ولي العهد للرئيس الأميركي: ضرورة الوقف الفوري للعمليات العسكرية في غزة
- ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 6650 شهيداً
- شركة كوادر تحتفل بالمحاميات الحاصلات على رخصة المحاماة
- انطلاق فعاليات مبادرة مستقبل الاستثمار تحت عنوان «البوصلة الجديدة»
- توكيل المحامي د.عمر الجهني في قضية طاش ماطاش لتظهر على السطح من جديد